تعتبر الشمس مصدراً يبث بشكل دائم الأشعة فوق البنفسجية ولهذه الأشعة مزايا عديدة كما أن لها فى المقابل أضراراً جسيمة ويبقى السؤال قائماً هل مزايا التعرض لأشعة الشمس يفوق الأضرار أم العكس وما هى سبل الوقاية لكى يستفيد الإنسان ولا يضار ؟
فوائد أشعة الشمس :
· أثبتت الدراسات العلمية أن أشعة الشمس ضرورية لإفراز فيتامين د من الجسم. هذا الفيتامين مسئول عن قوة وسلامة العظام – ويؤدى نقص فيتامين د إلى الإصابة بمرض الكساح فى الأطفال أما فى البالغين فنقص فيتامين "د" يؤدى إلى وهن أو هشاشة العظام كما يسبب الكسور المتكررة.
· كشفت الدراسات الحديثة أن فيتامين د يلعب أيضاً دوراً واقياً فى الحماية من جلطات القلب وأمراض ضغط الدم وثبت أن التعرض لأشعة الشمس وفيتامين "د" يقللان من نسبة الوفيات الناجمة عن أمراض القلب.
· كما يقلل فيتامين د من نسبة الإصابة ببعض أنواع السرطان مثل سرطان الثدى والقولون والبروستاتا.
· تمتد فوائد أشعة الشمس لتشمل الصحة النفسية فتساعد على الاسترخاء والراحة وهذا الإحساس ضرورى لتحسين نوعية حياة الإنسان كما تمنع الإصابة بالاكتئاب النفسى والفصام عن طريق إفراز مادة الأندروفين.
· تساعد أشعة الشمس فى علاج بعض الأمراض مثل الصدفية التى تصيب حوالى 2% من الأوربيين كما قد تساعد فى علاج السل.
· تساهم أشعة الشمس فى تكوين صبغة الميلاتونين الضرورية لصحة وسلامة الجلد.
· تمنع الجرعات المناسبة من أشعة الشمس اضطرابات الجهاز المناعى – كما قد تساعد فى تخفيف حدة الآلام المزمنة.
كيف ننتج فيتامين "د" من أشعة الشمس بطرق صحية :
تختلف كمية فيتامين د التى تنتج من أشعة الشمس من شخص لآخر ولكن بصفة عامة ينتج الأشخاص ذوى البشرة الفاتحة كمية أكبر من فيتامين د عند التعرض لأشعة الشمس. ويكفى التعرض لمدة 15 دقيقة لأشعة الشمس على الوجه والذراعين والساقين بدون استخدام واقى الشمس لانتاج 1500-3000 وحدة فيتامين د من الكولسترول. وهذه الكمية تكفى الإنسان لمدة تتراوح من يوم إلى ثلاثة أيام. وبصفة عامة يعتبر التعرض لأشعة الشمس لمدة 10-15 دقيقة عدة مرات أسبوعياً آمن ولا يسبب أضراراً للجلد وكاف لتوفير كميات صحية من فيتامين "د" لأجسامنا. وترجع أهمية إنتاج فيتامين د عن طريق أشعة الشمس عن أخذه من مصادر أخرى مثل زيت السمك مثلاً إلى أن إنتاج فيتامين د عن طريق أشعة الشمس لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يصل إلى معدلات زائدة أو ضارة حيث أن هناك عملية توازن يقوم بها الجلد تلقائياً ويتم تكسير فيتامين د الزائد عن الحد.
أضرار أشعة الشمس :
أن الأشعة فوق البنفسجية تسبب أضراراً عديدة أيضاً وقد ساعد تآكل طبقة الأوزون حديثاً على تسرب كميات هائلة من الأشعة فوق البنفسجية تفوق ما كان يصل إلينا فى بداية السبعينات بحوالى 7-14%. يعتبر تأثير الأشعة فوق البنفسجية على الجلد الأقوى والأكثر شيوعاً ولكن لها تأثير أيضاً على العين. فهى عموماً تسبب الأضرار الآتية :
· تزيد من نسبة التجاعيد والترهل فى الجلد مع ظهور البقع الصفراء أو المرحشفة الداكنة وقد تبدو بشرة عشاق الشمس فى منتصف الخمسينات مثل بشرة شخص فى الخامسة والسبعين.
· تسبب تمدد فى الأوعية الدموية الصغيرة تحت سطح الجلد.
· تزيد من النمو القرنى الأكتينى وسمك الجلد.
· تسبب عتامة فى عدسة العين وأحياناً سرطان فى القرنية.
· تقوض الجهاز المناعى وتسبب الإصابة بسرطان الجلد وقد كشفت الدراسات التى أجريت على تأثير أشعة الشمس على الجهاز المناعى أن تعرض الجلد مباشرة لأشعة الشمس لمدة وجيزة لاتزيد عن ساعة واحدة أيام الصيف قد يحبط الجهاز المناعى على مدى 15 يوماً.
أنواع سرطان الجلد :
يوجد ثلاث أنواع من سرطان الجلد – الكارسينوما القاعدية والكارسينوما الحرشفية والميلانوما. تمثل الكارسينوما القاعدية والحرشفية حوالى 95% من نسبة سرطان الجلد ونسبة شفاؤهما عالية ومع ذلك وفقاً لأحدث أحصائيات منظمة الصحة العالمية تقدر عدد الوفيات الناجمة عن سرطان الجلد عامة بحوالى 60.000 حالة سنوياً.
1- الكارسينوما القاعدية : تنتج 50-90% من الحالات من التعرض المستمر لأشعة الشمس وتظهر فى شكل عقد لؤلؤية فى الوجه أو الرقبة أو الأذن – أو على شكل بقع حمراء أو وردية اللون فى الجذع والأرجل.
2- الكارسينوما الحرشفية : تنتج 50-70% من الحالات من التعرض المستمر لأشعة الشمس وتبدو فى شكل أورام حمراء أو على شكل حرشفات خشنة قد تسبب حكة وتنزف عادة فى المركز.
3- الميلانوما : تعتبر أكثر أنواع السرطان خطورة وهى الأكثر شيوعاً فى الولايات المتحدة الأمريكية وتصيب حوالى 38.000 ألف أميركى سنوياً نصفهم تحت سن الخمسين وتعتبر النساء أكثر عرضة للإصابة من الرجال – وهى أكثر أنواع السرطان شيوعاً فى النساء بين سن 25-30 سنة. وثانى أكثر الأنواع شيوعاً بعد سرطان الثدى بين سن 30-35. وتقدر عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بالميلانوما فى الولايات المتحدة بحوالى 7000 أمريكى سنوياً.
تنجم الميلانوما عن التعرض لحروق الشمس عادة قبل سن 18 سنة ويعرف الحرق بأنه احمرار فى الجلد لمدة 12 ساعة متواصلة. ويعزو البعض الميلانوما إلى التعرض المتكرر لأشعة أكس. تبدو الميلانوما على شكل بقع داكنة متعرجة يمكن شفاء حوالى 90% من حالات الميلانوما إذا اكتشفت مبكراً عن طريق الاستئصال الجراحى غير أنها إذا تعرضت للانبثاث تصبح غير قابلة للشفاء والانبثاث أكثر شيوعاً فى الرجال خاصة إذا ظهرت البقع فى الصدر أو البطن أو الظهر.
كيف تسبب الأشعة فوق البنفسجية السرطان ؟
يوجد نوعان من الأشعة فوق البنفسجية.
أشعة فوق البنفسجية (أ) : تسبب التجاعيد وتغير لون الجلد وتفقده مرونته ولكن قدرتها على الإصابة بسرطان الجلد محدودة.
اشعة فوق البنفسجية (ب) : تسبب حروق الشمس ومرتبطة بالإصابة بالسرطان. إن الأشعة فوق البنفسجية (ب) تقتل الملايين من الخلايا التائية فى الأوعية الدموية القريبة من الجلد – فيفرز الجهاز المناعى أجساماً مضادة موجهة لأنوية تلك الخلايا تحديداً ثم تقوم هذه الأجسام المضادة بمهاجمة الأوعية الدموية فى الجلد محدثة التغيرات الجلدية. كما أن الأشعة فوق البنفسجية تضعف وظيفة خلايا لانجرهانز التى تعجل باستجابة الجهاز المناعى حال ظهور أى خلايا أو جزيئات غير ذاتية. كما تعمل الأشعة أيضاً على تحفيز خلايا T8 التى تقوض استجابة الجهاز المناعى – بهذا تستطيع الخلايا السرطانية أن تنشط وتنمو.
العوامل التى تساعد على الإصابة بسرطان الجلد :
· تزداد معدلات الإصابة عند التعرض لحروق الشمس فى الصغر.
· تزداد نسبة الإصابة لدى ذوى البشرة شديدة البياض والعيون الفاتحة (زرقاء – رمادية).
· عدد ساعات التعرض وزمن التعرض فالتعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة أو فى أوقات بين العاشرة صباحاً والرابعة ظهراً تزيد معدلات الإصابة.
· التاريخ العائلى – والوظيفى.
· عدم استخدام وسائل الوقاية أو استخدامها بطرق خاطئة أو بكميات غير كافية.
ما هى وسائل الوقاية :
بالرغم من كل أخطار التعرض لأشعة الشمس فمازال 60% من الأميركيين تحت سن 25 سنة يحمصون جلدهم و40% من الانجليز من سن 16-24 سنة يتعرضون لحروق الشمس واعتبر 40% من الانجليز أن حمامات الشمس ضرورية لهم. أظهرت الأبحاث أيضاً أن الاسكتلنديين بين سن 20-35 سنة يسافرون بانتظام للخارج من أجل حمامات الشمس – فضلاً عن أن نسبة كبيرة لا تعبأ بوسائل الوقاية.
تتمثل سبل الوقاية فيما يلى :
· تجنب أشعة الشمس فى الفترة ما بين العاشرة صباحاً والرابعة مساء حيث تكون أشعة الشمس شديدة القوة أما قبل هذا الوقت أو بعده فان تأثير الأشعة فوق البنفسجية يقل ليصل إلى ربع قوته فقط.
· التعرض لأشعة الشمس لمدة لا تزيد عن ثلاثين دقيقة يومياً.
· تغطية الرأس بقبعات واستخدام النظارات الشمسية.
· ارتداء ملابس ذات أكمام طويلة أو سراويل طويلة وتخير الملابس التى يكفى سمكها للوقاية من اشعة الشمس مثل الليكرا مع مراعاة تغطية الذراعين واليدين والساقين مع مؤجرة العنق.
· استخدام الدهان الحاجب أو الواقى لحماية الجلد من أشعة الشمس. الدهان الحاجب : يعكس أشعة الشمس وينشط المكونات التى توفر حماية جيدة ضد الأشعة فوق البنفسجية (ب) وحماية محدودة ضد الأشعة (أ) إن عامل الوقاية المدون على الدهان عادة يعنى الحماية ضد الأشعة (ب) إن الدهان الحاجب يوفر حماية أفضل من الدهان الواقى وقد يكون أقل استثارة للجلد الحساس.
أما الدهان الواقى فإنه يمتص الأشعة فوق البنفسجية قبل أن تنفذ إلى الجلد – كما أن معظمها يحمى الجلد من الأشعة (أ) بالرغم من أن عامل الوقاية المدون ينطبق على الأشعة (ب). علماً بأن الدهانات الواقية الخالية من المواد الكيمائية تحتوى على مادة ديوكسيد التيتانيوم الذى يشتت الأشعة (أ) والأشعة (ب).
يكون عامل الوقاية معقباً برقم (5 – 30) فى إشارة إلى درجة الوقاية التى يوفرها للجلد – إن عامل الوقاية الذى يصل إلى (15) درجة وقاية يشتت حوالى 94% منه الأشعة فوق البنفسجية (ب) وهو يعتبر ملائماً لمعظم الأشخاص ولكن إذا كان الإنسان شديد البياض أو يقضى وقتاً طويلاً فى الخارج فعامل الوقاية (25) أو (30) قد يوفر حماية أفضل. والمركبات الواقية التى تحتوى على مركب (الأفوبنزون) والتى يطلق عليها بارسول (1879) توفر اعلى نسبة حماية. يجب وضع الدهان قبل التعرض للشمس بما يتراوح 15-30 دقيقة ويعاد وضعه بفارق زمنى منتظم ويجب وضعه بغزارة وعلى أى جزء مكشوف من الجسم. ويجب التنبيه بأن وضع الدهان الواقى لا يعنى التعرض للشمس لفترات طويلة أو فى أوقات غير ملائمة وأن الدهانات لا توفر حماية بنسبة 100%.
· ضرورة إجراء كشف طبى عاجل ومبكر عند ظهور أى تغيرات فى شكل أو لون الجلد أو ظهور أى نتوء مرحشف على بشرة الوجه أو العنق أو الذراعين أو اليدين والساقين.
تكاتف جهود المجتمع والبيئة للحماية من أشعة الشمس :
· يجب أعتبار إن الحماية من اضرار أشعة الشمس مسئولية المجتمع وأتخاذ استراتيجيات معينة من أجل حماية الإنسان من أضرار أشعة الشمس فمثلاً يمكن بناء مظلات فوق حمامات السباحة وملاعب الأطفال والمعسكرات الصيفية يمكن لهذه المظلات أن تقلل من نسبة التعرض بحوالى 60% - بالإضافة إلى توفير الدهانات الواقية والحاجبة على الشواطئ وحمامات السباحة وتخفيض الضرائب على هذه المنتجات.
· حساب معامل الأشعة فوق البنفسجية لكل مدينة وإذاعته فى النشرة الجوية يومياً أو نشره فى الجرائد وتوفير توصيات ملائمة للحماية العامة حسب شدة المعامل.
· زيادة نسبة التشجير لتوفير الظلال .
· نشر الوعى عن طرق الوقاية لدى أهالى الأطفال والمدرسين والمدربين ليتكون لدى الطفل مبكراً المعلومات الكافية ليفيد جسمه من أشعة الشمس دون أن يتعرض لأضرارها .